صحيح أن دور الجيش اللبناني الميداني لم يبدأ بعد في معركة تطهير جرود عرسال التي أطلقها حزب الله ليل الخميس-الجمعة، وصحيح أيضاً أن مدفعية الجيش اللبناني لم تتدخل بعد في المعركة إلا قليلاً وتحديداً عندما تصدّت لمجموعات إرهابية من جبهة النصرة حاولت التسلل من الجرود الى داخل البلدة، غير أن المتابعين ميدانياً لتطورات المعركة يؤكدون أن الدور الذي تقوم به الوحدات العسكرية المنتشرة على تخوم بلدة عرسال لا يقل أهمية عما تقوم به وحدات النخبة في حزب الله أكان في جرود عرسال أم في جرود فليطة من ناحية القلمون السوري. وفي هذا السياق تكشف المصادر المتابعة أن الجيش وبالإضافة الى مهمة إقفاله المعابر التي تربط عرسال بجرودها لمنع اي تسلل ارهابي، وهي المهمة المعروفة والمعلنة، يقوم بمهمة غير معلنة وهي الأصعب ألا وهي مراقبة مخيّمات النازحين السوريين المنتشرة داخل البلدة وبعد حاجز وادي حميد في المنطقة التي كانت خارجة عن نطاق الطوق الأمني العسكري الذي يفرضه الجيش منذ آب من العام 2014. مراقبة مخيّمات النازحين لأسباب عدة تقول المصادر العسكرية أبرزها لعدم تكرار سيناريو العام 2014 يوم خرج المسلحون من المخيمات وهاجموا مراكز الجيش في المهنيّة ووادي حميد ووادي الحصن وغيرها. هذه المخيمات اصبحت اليوم بعد انتشار الجيش على تخوم البلدة في النقطة الخلفية لنقاطه أي في خاصرته، لذلك المراقبة المشددة ضرورية عليها منعاً لتعرض المراكز لأي إعتداء من الخلف.
هذا بالنسبة الى مراقبة المخيمات داخل عرسال، اما بالنسبة الى المخيمات بعد حاجز وادي حميد والتي يعيش فيها حوالى 11000 نازح بينهم عائلات مسلّحين يقاتلون مع التنظيمات الإرهابية، فالعيون الأمنيّة هي اكثر من مركّزة عليها وذلك خوفاً من تعرضها للقصف من قبل المجموعات الإرهابية بهدف إتّهام الجيش بقصفها وتوريطه بمخطط عنوانه حقوق الإنسان والنازحين. مخطط يخلق جواً سياسياً مشوّشاً يسمح للبعض بالتصويب على المؤسسة العسكرية وهذا ما يحسب له الجيش ألف حساب لعدم وقوعه. لكل ما تقدم كان الجيش أكثر من متعاون مع العائلات التي أرادت ترك المخيمات الواقعة بعد وادي حميد والإنتقال الى داخل بلدة عرسال خوفاً من تعرض مخيماتهم للقصف نظراً الى قربها الجغرافي من مواقع ارهابيي النصرة التي ستشهد في نهاية المطاف المواجهة النهائية والحاسمة مع مقاتلي حزب الله الذين يتقدّمون بوتيرة سريعة في إتجاه الجرد العرسالي.
إذاً، بقدر ما هو مهم الدور الهجومي الذي يقوم به الحزب مدعوماً جوياً من الطيران الحربي السوري، مهم أيضاً هو الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني لناحية ضبط إيقاع المخيمات داخل عرسال وعدم ركوبها موجة متعاطفة مع المسلحين، لأن أي موجة من هذا النوع قد تؤدي الى تحريك خلايا إرهابيّة متغلغلة داخل مخيمات في مناطق أخرى، وهذا ما قد يفتح على الجيش أكثر من جبهة في وقت يجب فيه التركيز على جبهة عرسال حصراً نظراً لأهمية ما يحصل من تطهير لهذه البؤرة الأمنية الارهابيّة التي تحتل بقعة من جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان.